Saturday, July 20, 2019

١٥ دقيقة و ٢٠ ثانية || الجزء الثاني


سقطت الغرفة في ظلام تام.. لثانية ظنناها دقيقة ولدقيقة ظنناها ساعة، كان الكل يكابد الحديث أو الصراخ. أخيراً تنفس أحدهم بصوتٍ مسموع، فتنفسنا جميعاً خلفه.. لم أكن الوحيد الذي يحبس أنفاسه إذاً! لا أشعر أنني بخير هنا منذ اللحظة الأولى، أشعر وكأنني تحت التهديد حتى عندما كانت الأنوار مضاءة بدا لي أنني سألاقي حتفي هنا.. تحدث أحدهم: "هممم إذاً. هي تجربة لاختبار ردود أفعال الأفراد المختلفين في الظلام" قالت امرأة بصوتٍ مرتعش: "هل مع أحدكم كشاف؟!" بدت مضطربة. لقد مر أقل من دقيقة وقد اضطرب كل شئ على المرأة المسكينة.. رد رجل بصوتٍ خفيض: "هل نسيتي يا برايان لقد جعلونا نترك كل شئ قبل الدخول، حتى الساعة قد أخذوها" حمداً لله لا أمتلك شيئاً من الأساس. صاح رجل بصوتٍ مزعج غالباً كان شاباً عشرينياً: "أعتقد أننا نمتلك ساعة، أليس كذلك يا جدي؟" انتبه صوت عجوز لتساؤل الشاب: "ها؟ أهذا أنت يا جوفري ؟!" بدا وكأنه كان ينام قيلولته الآن، بالتفكير في القيلولة. هذة الغرفة شديدة الإظلام مقارنة بأن الوقت عند دخولنا كان الحادية عشر صباحاً. تساءلت امرأة ذات صوت إذاعي: "هل أصبح الجو حاراً هنا أم أن هذة مخيلتي تعبث بي؟" أعتقد أنا الآخر أن الأجواء هنا صارت أكثر حرارة وكأن الغرفة في منتصف الصحراء، وهذا الإعتام يساعد على الشعور بالحرارة أكثر. فَككتُ زر قميصي. قال جوفري. قد صرت أعرف صوته الآن: "جدي. أعطني ساعتك. لدى جدي ساعة قديمة يضعها في جيبه ولها سلسلة ربما تساعدنا" قال صاحب الصوت الخفيض، وبدا لي جالساً لا أعرف لماذا: "يستحيل أن يدخل بها" قال جوفري متحدياً صاحب الصوت الخفيض: "يمكن لجدي أن ينسى أي شئ، أو يترك أي شئ إلا تلك الساعة.. لا فائدة من إقناعه بتركها لأنها لا تعمل أصلاً" قال رجل آخر يأتي صوته من أبعد نقطة في الغرفة وبدا غاضباً على جوفري بالذات: "هل أنت أحمق؟! إذا كانت الساعة لا تعمل لماذا تثرثر إذاً!" تملمت المرأة الأولى: "يا إلهي، سأموت هنا!" قال جوفري أخيراً: "لقد أصلحتها! جدي يرفض أن يلمس أحدهم ساعته، ولكنني أصلحتها في عيد ميلاده.." قال الجد العجوز: "من لديه عيد ميلاد؟" يا مسكين! ما الذي أحضرك هنا؟ تابع جوفري: "رفض جدي تسليم الساعة أو حتى نزعها من ملابسه، وقد أكدت لهم أنها لا تعمل إطلاقاً.. هيا يا جدي أعطني الساعة" صاح الجد بضعف ولكن إصرار: "لا يلمسن أحدكم ساعتي!!" ولكن جوفري بدا وكأنه يتعارك مع جده لأجلها، الرجل يصرخ بضعف، وجوفري يصرخ في المقابل: "توقف يا جدي عن تلك الحماقات!" والعجوز يصرخ: "لا. إلينور! إلينور ساعديني!!" بينما همهمت المرأة الأولى: "توقفوا رجاءً!" ثم توقف صراخهما فجأة، وسمعتُ نشيج الرجل العجوز بصوت خفيض كطفل يخاف البكاء حتى لا تنهره أمه. تنهد جوفري وقال بانتصار: "ها هي، أرجو أن تكون لا تزال تعمل" يا لك من مغفل صغير يا جوفري.. العجوز كان يبكي بهدوء ويقول: "إلينور! أنا آسف" تساءلت المرأة ذات الصوت الإذاعي: "من هي إلينور؟" رد جوفري: "جدتي، وقد ماتت منذ زمن.. هذة الساعة هدية منها إلى جدي. جدي توقف أرجوك! سأعيدها إليك ما أن انتهي" قالت المرأة ذات الصوت الإذاعي: "كم أحتاج سيجارة الآن" وأنا قلت لنفسي: "أريد العودة للبيت، تباً لهذا!"

No comments:

Post a Comment