Saturday, July 20, 2019

أمطار أيلول || مقالة



أحاول أن أكتب منذ عدّة أيام، ولكن أعودُ إلى حاسوبي المحمول خالية الوفاض بيضاء أكثر من تلك الصفحة ذات المؤشر التي أمامي.. حينما ارتأيت فكرة مرهفةً مرهقة، فكرة حمقاء ولكنها شيطانية.. إن عجزَ كاتب عن الكتابة، إن عجز عن إيجاد فكرة تُطلق عنان خياله وأصابعه، فالأولى له أن يكتب عن كاتب يعجز عن الكتابة، إنها يا عزيزي دورة حياةٍ رتيبة.. الكتّاب يكتبون عن الكتّاب وكتّابهم يكتبون عن الكتّاب، وهكذا.. حلقة مفرّغة من الأحداث المتكررة داخل خط الزمن الفاشل، لا تغادر نمطها الرتيب، ونحن في الداخل.. الزمن لا يفشل، لأنه مائع لا يفشل، لا ينجح.. هو لا يدرك أنه موجود، هو لا يدرك أنه لا يدرك! ليتنا كنّا غير مدركين.. الإدراك مرعب، الإدراك مسؤولية، والمسؤوليات أعباء، والأعباء تُشيخ الروح، والشيخوخة هي العجز والمرض، الألم والوحدة، والوحدة شيطانٌ مريد، والشياطين من الجحيم تأتي وتذهب وتعثو وتعيش، والجحيم مجهول، والمجهول... مرعب.. من الأفضل أن ينطلق الكاتب ــ دوماًــ خلف تجارب جديدة، خلف المخاطر.. إلى تلك المناطق الرمادية المُوحشة، أن لا يتقيّد بـ اختيار جانب على جانب أو الإنسياق وراء سُلطة.. هو عبدٌ للإبداع، يأتي من رَحِم الحريّة البتول رغم محاولات اغتصابها السرمدية على طول التاريخ بحكايـــــات ترويها النجوم.. النجوم تنفجر كالأزهار في الفضاء، ينطلق غُبارُ طلعِها الكوني.. يُثير الرعشة، يجعل الكون يَعطِس.. فيندفع، ويبتعد كثيراً ليغرق أكثر في الظلام.. الكتابة، آه أجل.. من جديد، الكتابة عبادة.. وأنا راهبٌ في ضريح الأدب حيثُ مثوى كل المبدعين.. سأتعبد لمعبودتي حتى ترضى، فـ ترضى وتفيض فوق روحي بمياهها المقدسة، المياة الطاهرة ..لأكتب كلماتٍ محرّمة فأُطرَد من جنّتها.. لأنني أشتهي تلك التفاحة الغبيّة، وأنا ــ في حقيقة الأمرــ لا أحب التفاح، والأمر ليس منوطاً به، ولكن بالنشوة داخله للكمال.. أنا لا أريد تلك الحياة التي أظهر فيها عن دورِ عاجزٍ، يبحث عما يكتبه، أنا أريد أن أمارس تلك الطقوس حتى أكتب، أن أطلق الشعر حتى تفنى لغات الحديث فأخترع دونها.. أريدُ أن لا يكتب الرعاع، وتقطّع أيدي كاتبيهم، كأنهم المجرمين السارقين الزانين الكافرين، في درك الجحيم معذّبين بما عذّبوا أرواحنا البريئة بسمومٍ مكتوبة.. أريدُ أن تكون الكتابة هي تلك الوظيفة الملكية، والكاتب يجاور الملك في العرش، يشاركه في التاج، تاج من العلم والكثير من الحكمة وأخبار القدماء.. نحن لسنا من كل هذا في أي شئ، أو من قريب حتى.. نحنُ أجرام سماوية غضبت عليها السماء فألقت بها في ثقوب كونية، يتردد صداها حتى آخر الزمان.. والزمان لا يدرك أنه يحتوينا ويبتلعنا داخله، ولكنه يبكي! يبكي شيئاً ضاع.. شئ يهم، ولكنه لا يتذكر.. ــ أحياناًــ لا يدرك لماذا بكى في الأساس.. ليتنا كنّا أزْمُنــــــــــاً صغيرة بداخل الزمن الكبير.. لا يدركنا ولا ندركه.. فقط، سـ نسيرُ لا نهتدي وجهة.. الجهل مبهج، بخاصةٍ إن كنتَ لا تعرف سواه.. تمّت

No comments:

Post a Comment