Saturday, July 20, 2019

١٥دقيقة و ٢٠ ثانية || الجزء الأول


"إحم..إحم" تنحنح صوت في مكبر الصوت الداخلي للغرفة التي ننتظرُ فيها.. فانتبه الجميع! أكثر من عشرة متطوعين من الجنسين لتجربةٍ جامعية لقسم الطب النفسي والعصبي.. عندما عدت من العمل أمس، منهك من حمل براميل الشحم إلى سفن الشحن والنقل على طول النهار. استقبلتني زوجتي عند الباب بورقةٍ مقطوعة من صحيفة.. سألتها: "من أين لك بالصحيفة؟" بالكاد نجد قوت يومنا، بالتأكيد لا نمارس طقوس الثقافة تلك.. عاجلتني قبل أن أغضب: "لا. لا. إنها صحيفة جارتنا چانيت لقد قطعت منها هذة الورقة فقط" قلت لها: "وماذا في الورقة لتسرقيها؟" كان إعلاناً لطلب متطوعين لاختبار علمي، لا ضرر جسدي. كُتِبَ هذا. خمسون دولاراً ووجبة غداء، والاختبار في أقل من عشرين دقيقة.. قالت زوجتي: "مالٌ سهل! انظر بنفسك. اذهب وأحصل عليه من رجال المختبر" قلتُ لها متشككاً: سيغسلون دماغي يا امرأة!" قالت: "لا شئ في دماغك ليُغسَل! بينجامين" ودخلتْ لتنام.. يتحدث الجميع، وكأنه يوم تقليدي في الحديقة، أفضل دوماً الانفراد بنفسي عند الارتباك. لا مشاركةَ ارتباكي مع ارتباك شخص آخر.. دخلت شابة ثلاثينية، وقالت بابتسامةٍ لطيفةٍ وظيفية: "مرحباً بكم سيداتي وسادتي، أنتم جزء من تجربة نفسية تابعة لفريق قسم الطب النفسي. جامعة بروكلين... قاطعها أحدهم ورفع يده ليتكلم ولكنها ابتسمت أكثر وقالت: " ليس لدي إجابات لأي أسئلة ترغبون في سؤالها. الآن... أخرجتْ قلماً وأوراقاً. وتابعت: "هل يعاني أحدكم رهاب الأماكن المغلقة؟... " وتابعت الأسئلة بينما نجيب نحن عليها وهي تسجل الإجابات. لم يعاني أحد من الحضور من مرضٍ خطير أو مزمن، ولكن بدا أن الجميع سينهار فيزيائياً عند لحظةٍ أو أخرى. كادت الشابة ترحل عندما أوقفها سؤال أحدهم فجأة: "يا آنسة. إلى متى سنبقى في تلك الغرفة؟" قالت بابتسامة أكثر ريبة لأنها لا تحمل شعوراً مجرد اهتزاز ديناميكي فوق ملامحها: "خلال دقيقة سيتحدث إليكم رئيس التجربة. سيدي، لا تقلق. واجلس مكانك من فضلك" ليس هناك أماكن كافية ليجلس الجميع إن أرادوا، ولكني أفضل الوقوف شخصياً.. انطفأت الأضواء فجأة، وانفعل الحضور، وساد الصمت كذلك. ربما ضحك أحدهم ضحكة عصبية وقال: "حسناً. كان هذا سريعاً!" ولكن سرعان ما عادت الأضواء من جديد. في ثوانٍ قليلة شعرتُ وكأن المكان قد أصبح خالياً إلا مني بينما الجدران تحاوطني تماماً. لقد نال مني الظلام لوهلة لما أنا فيه من ارتباك.. عندما عادت الأضواء، عادت أنفاسي إلي صدري. تحدث صوت خلال مكبر الصوت الداخلي، وقال التالي: "مرحباً بكم أيها السيدات والسادة، أنتم تخضعون لاختبار مدته عشرون دقيقة.. مطلوب منكم البقاء في تلك الغرفة سوياً حتى انتهاء وقت الاختبار. الغرفة مراقبة بكاميرات حرارية ووسائل تصوير متطورة يمكنها التصوير أثناء الظلام الحالك وخلال انقطاع الكهرباء. ستقضون عشرين دقيقة في تلك الغرفة بدون أي ظروف خارقة إلا أن الغرفة ستكون مظلمة تماماً، تم تصميم تلك الغرفة لتكون حالكة عند غياب الضوء كما رأيتم منذ دقيقة. هناك زر أحمر عند باب الدخول وآخر عند باب الخروج، بالضغط على الزرين معاً يمكن للضاغطين الإنسحاب فوراً ولكن بدون مكافآت.. أي لكي ينسحب شخص يجب أن ينسحب آخر. هناك فرصة أخيرة للانسحاب، وهي الآن" وبدأت التجربة..

No comments:

Post a Comment