Saturday, July 20, 2019

رحلى إلى السماء || قصة/ ميثولوجيا


توجهت إلى السماء، إلى أنوبيس، كتبت له رسالةً فحواها(سيدي أنوبيس، علمتُّ أنك كلّفت منذ سنوات أن تحصد روحاً كانت لزوجي، وأنا أعلم سيدي أنك لكثرة مشاغلك لن تتذكر كل من حصدت أرواحهم؛ ولكن طمعاً في قدرتك السرمدية أن تعيده إلي، ولقد كتبت إليك كثيراً أن تأخذني أنا إليه ولكنك أبيت أن تأتيني، وأنا لا أعترض أن تفرّقنا فتلك وظيفتك، وكيف لمثلي أن تعترض قانون الكون والحياة؛ ولكن أنا في عداد طابور طويل من الموتى لا يتزحزح، وصدقني هؤلاء الذين ينتظرون الموت أسوأ حالاً من الموتى، فهم يتآكلون تدريجياً تحت أمل النهاية فلقاء الأحبة.. ألا ينصفُني الأجل كما جمعني بزوجي في الدنيا أن يجمعني به في العالم الآخر على وجه السرعة؟! ) .. لكن لم يأتِ منك رد يا أنوبيس، وأخشى أن رسالتي لم تصل.. طرقت أبواب السماء، فسُئلتُّ عن حاجتي من الحرّاس، وكانت إجابتي دموع تائهة تبحث عن فقيد، قلتُّ أنك حاجتي(أريد أنوبيس) ... أشاروا باتجاهك وما إن رأيتك حتى استجبتَ لخطاباتي، وأعلم أنني قد أسرفت في الإلحاح، ولكن ها أنا وزوجي سوياً، ولم أعد أهتم متى كانت ساعتي ومتى قرأت خطابي ومتى وأين أنا، ولكن أكتفي أني ومن سألتُ سوياً للأبد.. تمّت

أمطار أيلول || مقالة



أحاول أن أكتب منذ عدّة أيام، ولكن أعودُ إلى حاسوبي المحمول خالية الوفاض بيضاء أكثر من تلك الصفحة ذات المؤشر التي أمامي.. حينما ارتأيت فكرة مرهفةً مرهقة، فكرة حمقاء ولكنها شيطانية.. إن عجزَ كاتب عن الكتابة، إن عجز عن إيجاد فكرة تُطلق عنان خياله وأصابعه، فالأولى له أن يكتب عن كاتب يعجز عن الكتابة، إنها يا عزيزي دورة حياةٍ رتيبة.. الكتّاب يكتبون عن الكتّاب وكتّابهم يكتبون عن الكتّاب، وهكذا.. حلقة مفرّغة من الأحداث المتكررة داخل خط الزمن الفاشل، لا تغادر نمطها الرتيب، ونحن في الداخل.. الزمن لا يفشل، لأنه مائع لا يفشل، لا ينجح.. هو لا يدرك أنه موجود، هو لا يدرك أنه لا يدرك! ليتنا كنّا غير مدركين.. الإدراك مرعب، الإدراك مسؤولية، والمسؤوليات أعباء، والأعباء تُشيخ الروح، والشيخوخة هي العجز والمرض، الألم والوحدة، والوحدة شيطانٌ مريد، والشياطين من الجحيم تأتي وتذهب وتعثو وتعيش، والجحيم مجهول، والمجهول... مرعب.. من الأفضل أن ينطلق الكاتب ــ دوماًــ خلف تجارب جديدة، خلف المخاطر.. إلى تلك المناطق الرمادية المُوحشة، أن لا يتقيّد بـ اختيار جانب على جانب أو الإنسياق وراء سُلطة.. هو عبدٌ للإبداع، يأتي من رَحِم الحريّة البتول رغم محاولات اغتصابها السرمدية على طول التاريخ بحكايـــــات ترويها النجوم.. النجوم تنفجر كالأزهار في الفضاء، ينطلق غُبارُ طلعِها الكوني.. يُثير الرعشة، يجعل الكون يَعطِس.. فيندفع، ويبتعد كثيراً ليغرق أكثر في الظلام.. الكتابة، آه أجل.. من جديد، الكتابة عبادة.. وأنا راهبٌ في ضريح الأدب حيثُ مثوى كل المبدعين.. سأتعبد لمعبودتي حتى ترضى، فـ ترضى وتفيض فوق روحي بمياهها المقدسة، المياة الطاهرة ..لأكتب كلماتٍ محرّمة فأُطرَد من جنّتها.. لأنني أشتهي تلك التفاحة الغبيّة، وأنا ــ في حقيقة الأمرــ لا أحب التفاح، والأمر ليس منوطاً به، ولكن بالنشوة داخله للكمال.. أنا لا أريد تلك الحياة التي أظهر فيها عن دورِ عاجزٍ، يبحث عما يكتبه، أنا أريد أن أمارس تلك الطقوس حتى أكتب، أن أطلق الشعر حتى تفنى لغات الحديث فأخترع دونها.. أريدُ أن لا يكتب الرعاع، وتقطّع أيدي كاتبيهم، كأنهم المجرمين السارقين الزانين الكافرين، في درك الجحيم معذّبين بما عذّبوا أرواحنا البريئة بسمومٍ مكتوبة.. أريدُ أن تكون الكتابة هي تلك الوظيفة الملكية، والكاتب يجاور الملك في العرش، يشاركه في التاج، تاج من العلم والكثير من الحكمة وأخبار القدماء.. نحن لسنا من كل هذا في أي شئ، أو من قريب حتى.. نحنُ أجرام سماوية غضبت عليها السماء فألقت بها في ثقوب كونية، يتردد صداها حتى آخر الزمان.. والزمان لا يدرك أنه يحتوينا ويبتلعنا داخله، ولكنه يبكي! يبكي شيئاً ضاع.. شئ يهم، ولكنه لا يتذكر.. ــ أحياناًــ لا يدرك لماذا بكى في الأساس.. ليتنا كنّا أزْمُنــــــــــاً صغيرة بداخل الزمن الكبير.. لا يدركنا ولا ندركه.. فقط، سـ نسيرُ لا نهتدي وجهة.. الجهل مبهج، بخاصةٍ إن كنتَ لا تعرف سواه.. تمّت

١٥ دقيقة و ٢٠ ثانية || الجزء الخامس والأخير


الرجل الأول: "أشعر بنبضه أحياناً.. لن يصمد، يجب أن يخرج من هنا" الرجل صاحب الصوت الخفيض: "برايان!" برايان: "لا أعرف إن كنت سأصمد ثانية أخرى، ولكن يجب علينا أن نفعلها لأجل الأولاد.. نحن نحتاج المال" الرجل صاحب الصوت الخفيض: "تباً للمال برايان. يجب أن نرحل من هنا" قال جوفري: "وأنا وجدي أيضاً!" قلت بصوت مهزوز، نتيجة الاختناق: "هل.. نسيتم؟ لقد قال المدير.. من يضغطان الزر ينسحبان.. وكلاهما لا يستطيع الوقوف" قال جوفري: "تباً لهم جميعاً، أنا لا أهتم بما يقولون! سأضغط الزر" قال الرجل صاحب الصوت الخفيض كذلك: "وأنا معك" قام كلاهما، وسمعنا صوت خطواتهما في اتجاهين متنافيين من الغرفة.. قال جوفري: "لقد وصلت"، وقال الرجل صاحب الصوت الخفيض: "وأنا كذلك" كنت أهمهم كالغارق: "أنا أختنق!" بينما قال الرجل الأول: "أشعر وكأن دهراً قد مر.. يكفي هراءً!" قال جوفري: "سـ أعد لثلاثة وبعدها نضغط سوياً" واحد.. اثنان.. ثلاثة ضغطا الزر، وكلنا نظرنا من حولنا. لم يحدث شئ، لم يتغير شئ، تعجب الجميع.. قال جوفري مجدداً: "مرة أخرى ربما هناك عطل" واحد. اثنان. ثلاثة لم يحدث أي شئ.. جوفري يصيح: "لا.. لا يمكن" كان يضغط الزر بشكل هستيري وبدون وعي "لا يمكن!!" ابتسمتُ بين الظلام وقلت ببطء: "تلك خدعةٌ حمقاء! هذة خدعة" صاح الرجل الأول: "بالكاد أشعر بنبضه الآن!" ولأول مرة منذ وقت تحدث الغاضب، وذهب يطرق الأبواب بعنف: "افتحوا تلك الأبواب الآن!! نحن نموتُ هنا!" كلٌ منا كان في دنياه. يكافح ليعيش.. عندما. أضاء المكان فجأة! عانيت للحظة صدمة الضوء المفاجئ، وأنا في ذهول! قال صوت في المكبر الداخلي: "نحن نأسف لاخباركم، لقد انقطع التيار الكهربائي منذ عشر دقايق، وعجزنا عن استعادته فوراً، تعطلت حتى الأبواب الميكانيكية للغرفة، ولكن تم استعادة التيار، سنبدأ التجربة الآن" نظر الجميع لبعضهم بعضاً، وصرخنا مستغيثين حتى انفتحت الأبواب وخرجنا جميعاً.. توفى الجد جراء أزمة قلبية، نُقِلت برايان إلى الطوارئ فوراً، أشعلت ذات الصوت الإذاعي سيجارة بينما جبينها يتفصد عرقاً، تم استدعاء الغاضب إلى مكتب الأمن، أما الرجل الأول فغادر وهو يتفحص الضوء من حوله كالطفل الذي خرج للعالم تواً، ويبكي.. بينما جلستُ أنا ألتقط أنفاسي وألعن زوجتي! أعتقد أن كل من مر بتلك التجربة لن يتعامل مع الظلام كما كان أبداً مجدداً.. نظرت إلى ساعة المدينة وأنا جالس ع الطريق، لقد مر خمس عشر دقيقة وحسب!
تمـــــــــــــــت...

١٥ دقيقة و ٢٠ ثانية || الجزء الرابع


أشعر وكأن ساعة قد مرت، أشعر شعوراً غريباً هنا وكأن لا وجود للوقت أصلاً أنا أختنق! قال الجد مخاطباً جوفري: "ما هذا؟ سمعت صوت شئ ينكسر! أين ساعتي يا بني؟ أعطني الساعة ولن أعاقبك صدقني، أعطني الساعة فحسب!" كان جوفري يتململ، وقال: "يا ويلي!!" يبدو أن الغاضب انزوى بعيداً الآن. غيرَ أن جوفري قد قسمت القشة ظهر بعيره، واهتدى طريقه إلى الرجل الغاضب لينتقم منه.. كان يكرر: "يا ويلي! يا ويلين.. سأقتلك لهذا! أنت حقير" كانا يتعاركان، كنت أسمع صوت ضرباتٍ ولكماتٍ مكتومة.. على أغلب الظن يضربان الكراسي والحوائط، يتأوه جوفري، وضربة مكتومة تتوسط صدره، الرجل الغاضب ليس غاضباً فقط ولكنه قوياً أيضاً.. الجد ينادي مستنجداً: "توقف.. توقف! أين أنت يا جوفري؟ توقف. لا تؤذِ حفيدي!" أشعر أن الظلام يلمس جسدي من كل مكان وبدأتُ أرتعش، توهمتُ أن هناك حائطاً يتحرك باتجاهي ليدهسني، فرفعتُ يدي لأحجزه، ولكن غاصت يدي في الظلام، وسكتت الأصوات في رأسي فجأة لثانية أو أقل.. تساءلت في نفسي مفجوعاً بشساعة الظلمة وضيق نفسي، ثم سقطتُ على ركبتي.. عادت الأصوات إلى حيثما كانت، وظهر صوت الجد اخيراً: "إلينور. هل هذة أنت؟" انتبه جوفري أخيراً لجده: "جدي؟! جدي. هل أنت بخير؟" همهم الجد: "أين نحن يا بني؟" قال جوفري: "أنا آسف يا جدي! أنا من أحضرتنا هنا، في هذا الجحيم" قال صاحب الصوت الخفيض: "برايان! رجاء أخرجونا من هنا.. أنا أنسحب!" قال الجد أخيراً: "لا بأس يا بني، لا بأس" وسمعنا صوت ارتطام بالأرض. وجوفري يصرخ: "يا إلهي، جدي! أجبني يا جدي!!" سأل الرجل الأول: "ما الذي يحدث؟" قال جوفري: "لا أعرف. لقد سقط جدي أرضاً" اكتفى الغاضب بالصمت وكأن الحائط أبتلعه..

١٥ دقيقة و ٢٠ ثانية || الجزء الثالث


قال الرجل الذي تحدث في البداية: " ربما فعلوها عن قصد!" لم يعلق أحد، فتابع: "ربما عن قصد تركوا معكما الساعة، لتكون العامل الفاصل في التجربة. الوقت" سأل الرجل الغاضب: "ماذا تعني بالوقت؟" قال الرجل: "قرأتُ كتاباً خيالياً عن كوكبٍ عاش أهله في ضوء دائم، ثم انفجر النجم الذي كان ينير لهم الكوكب، وأصبحوا في ظلام دامس، لم يتحمل أهل الكوكب الظلمة لعشر دقائق حتى وبدأوا في قتل بعضهم بعضاً. إنه تأثير الظلام بالتأكيد" أثارت انتباهي تلك القصة كثيراً وخرج صوتي لأول مرة منذ جئت: "لكنها قصة خيالية أليس كذلك؟" قال الرجل: "نعم هي قصة خيال علمي أي أحداث القصة خيالية ولكن ذات مضمون مُثبت علمياً.. الظلام يعد عدو الإنسان من اللحظات الأولى له في الحياة، بحث عن الضوء في النار وطوره ليخدمه في غياب الشمس ولم يكتفِ بهذا بل شاء المزيد من الضوء المستمر ليلاً ونهاراً، فطور المصباح، وظهرت الكهرباء للاضاءة" تسائل صاحب الصوت الخفيض فجأة: "ما المرعب لهذا الحد في الظلام، أنا أشعر كلياً بالراحة أثناء الظلام" أجاب الرجل عن ثقة: "الكلاستر فوبيك. رعب الأماكن المغلقة" صاح جوفري: "إنها تعمل! هل تسمعون صوتها؟" ساد الصمت للحظات لنسمع الصوت، في البداية بدا وكأن الصوت يخرج من قاع المحيط شيئاً فشيئاً إلى حيث السطح لينفجر وكأنه داخل مكبر صوت: "تيك توك.. تيك توك.. تيك توك.." وتابعت.. قلتُ في نفسي: "يا إلهي!" لأول مرة في حياتي أسمع ساعة عن قرب، ربما حقيقة هي عن بعد لكن في هذا الفراغ الهائل للظلام. قال الرجل الغاضب وقد اندفع وزاح كرسي بعيداً: "أعطني تلك الساعة!" المرأة ذات الصوت الإذاعي ترمي لأمرٍ هام جداً: "أشعر أنني أختنق!" كنت أشعر أنني أختنق كذلك، قال جوفري خائفاً وقد تملكته الظلمة أخيراً: "لا أظن أن هذة فكرة جيدة، قد يكره جدي أن.. " قاطعه الرجل، وقد اصطدم به، وصاح جوفري: "هذا وجهي يا رجل!" قال الغاضب: "أعطني قطعة الخردة.. أعطني إياها. أنا لا أرى شيئاً. تباً!!" بينما يتعارك جوفري والغاضب، سمعنا حشرجة تشبه صوت أحدهم يختنق.. صاح الرجل صاحب الصوت الخفيض: "برايان هل أنت بخير؟" دبت الحياة في صوته فجأة وكأنه شخص آخر، بينما لم تجيبه المرأة، وظلت تتنفس بصوتٍ ثقيل وكأن فيلاً سقط فوق صدرها.. لكنها قالت بضعف وصوت مبحوح بالكاد يُسمَع: "توقفوا.. رجـ.. رجاءً توقفوا!" قال الرجل الذي تحدث أول مرة: "لا فائدة منها! توقفا عن العراك.." بينما استيقظ العجوز: "جوفري. هل رأيت ساعتي؟!" الراجال يتصايحون كالدجاج، وفجأة سقط شئ وسمعنا صوت تهشُّم! لقد سقطت الساعة ودهسها الغاضب وهو لا يدرك أنها تحت قدمه..